فى كل صباح تنشب فى البيت معركة.
تدق الساعة سبع دقات، فأسمع نقرا على الباب، فأستعيذ بالله، وأتناوم – أعنى أتصامم؛ فيتكرر الدق ويعلو، فأصيح:
"نعم، ماذا إن شاء الله على الصبح".
فيقول الصوت: "قم!".
فأقول مغالطًا: "الساعة السادسة فلماذا أقوم من الفجر؟"
فيقول الصوت: "بل هى السابعة؛ فقم ولا تكسل!"
فأقول: "لم أسمع إلا ست دقات"
فيقول الصوت: "بل دقت سبع مرات"
فأؤكد أنها ست، ويؤكد الصوت أنها سبع! فأقول: " إذن فلننتظر حتى نسمع دقة الساعة الآتية".
فتفتح زوجتى الباب وتقول: "ألا تنوى أن تقوم؟"
فأقول محتجًا على هذا الازعاج: "لماذا بالله أقوم، واليوم يوم جمعة؟"
فتقول: "إنه الثلاثاء لا الجمعة"
فأقول: "بل هو الجمعة. على كل حال قد اختلفنا، وقد قالوا أن اختلاف الفقهاء رحمة. وكذلك أرى اختلافنا. فدعينى حتى يجئ زائر من الزوار الكثيرين فنسأله عن يومنا هذا ما هو؟"
فتقول: "كل يوم عندك يوم جمعه؟ هيه؟"
فأقول: " يا ستى لقد اختلفنا، ويجب إن ننتظر ثالثا يجئ فيقضى بيننا بالحق"
فتقول: "طيب. سأجئ بمن يقضى بيننا"
وتجئ بالأطفال وتساعدهم، على جرى من رجلى، وإنزالى عن السرير، وإدخالى فى الثياب، ودفعى إلى الباب، وهى تقول:
"لم أر أشد منك كسلاً عن السعى لرزق أولاده؟"
فأخرج إلى الطريق وأنا أقول لنفسى:
"ولماذا لا يسعون هم لرزقهم؟ لقد قرأت فى الكتب أن الضرورة أم الاختراع، وأن الحاجة تفتق الحيلة، ولست أرى حاجة هؤلاء الأولاد الملاعين إلى الرزق تفتق لهم إلا حيلة واحدة أو اختراعًا واحدًا – هو كيف يكرهوننى على العمل والسعى وهم قعود ينعمون بالراحة وأحرمها!" (المازني فبراير 1935)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق