الثلاثاء، 17 أبريل 2012

الملحمة المسروقة

دع كل هذا لأنه كما قلت من التوافه وأثب إلى ميلتون الشاعر الإنجليزى المشهور، وأعترف أنى لا أحبه وأنى ما استطعت فى حياتى أن أقرأ له قصيدة مرتين. وأشهر ما لملتون قصيدة "الفردوس المفقود" وأختها "الفردوس المستعاد" والأولى لا الثانية هى التى تقوم عليها شهرته. وهذه يقول النقاد إن من المعروف أنها عبارة عن جملة سرقات من إيسكلاس ودافيد وماسينياس، وفوندل وغيرهم. ولكنه لم يكن معروفًا إن الفردوس المفقود كله - موضوعه ومواقفه وعباراته أيضًا - مترجمه ترجمه حرفيه عن شاعر إيطالى مغمور كان معاصرًا لملتون. لم يكن هذا معروفًا حتى اهتدى إليه "نورمان دوجلاس" فقد اتفق له أن عثر على نسخه وحيده من رواية "أدامو كاروتو" Adamo Caruto لمؤلفها "سرافينو ديللا سالاندرا" Serafino Della Salandra وهذه الروايه وضعت فى سنة 1647.
فالموضوع ماخوذ برمته كما أثبت ذلك نورمان دوجلاس. ويقول برتون راسكو: "إن هذا ليس كل شىء ويحيل القارىء على كتاب اسمه "أولد كالابريا" - كالابريا القديمة - ويؤكد أنه يؤخذ منه أن ملتون ترجم قصة سالاندرا حرفًا بحرف وأن ما ليس مترجمًا عن سالاندرا مترجم عن غيره من الشعراء القدماء.
والذى يجعل الأمر اغرب أن ملتون قد أعلن قبل ذلك عزمه على نظم قصة خالدة لا يسمح للناس بأن يدعوها تموت وتقبر، ويعنى بها "الفردوس المفقود". وبعد أن أعلن عزمه هذا بسط لسانه فى كل الشعراء الإنجليز الذين تقدموه مثل سوشر وسبنسر و سكشبير ومارلو وجونسون ووصفهم بأنهم صناع آليون، وانتقد هومر وفرجيل وتاسو وعاب شعرهم. ويعلل نورمان دوجلاس اهتداء ملتون إلى قصة سالاندرا بأن ملتون لقيه فى رحلته إلى إيطاليا، وأن سالاندرا يرجح أن يكون أعطاه نسخة من قصته عسى أن يعينه على ترجمتها إلى الإنجليزية. ويقول إن ملتون كان له أصدقاء يراسلونه من إيطاليا وإنه قابل جروتياس Gratius فى باريس وجاليليو Galelio فى فلورنسا وإنه يحتمل أن يكون هذان قد أعطياه نسخة من القصة لما نشرت بالإيطاليه. والمحقق على كل حال أن قصيدة "الفردوس المفقود" نسخة طبق الأصل من قصيدة سالاندرا الإيطالى" (المازني 1937)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق