السبت، 30 يوليو 2011

خلاصة رمضان

لا تخشوا أن أحدثكم عن حكمة الصيام؛ فإنى لست من أهل الحكمة، ولو كنت منهم لما صرت إلى ما صرت إليه، ولا تخافوا أن أقول لكم كلامًا فيما يدفع إليه الصيام من البر والإحسان، وما يحركه فى النفس من روح العطف، فإن هذا شيء لا أحسن أن أقوله إذا صح أنى أحسن شيئًا، ثم إنى عطوف بطبيعتى، رقيق القلب بفطرتى، والذى فى يدى ليس لى، ولست أعنى أنه مسروق أو مقترض، فما سرقت فى حياتى إلا مرة أو مرتين: مرة فى طفولتى، ومرة فى شبابى، وفى كلتا المرتين رددت والله ما سرقت، وصدقوا أو لا تصدقوا فقد مضى وقت كاف، فسقطت الجريمة على كل حال. وأما الأقتراض فإنى أقول مع الأسف أن إخوانى عرفوا أن من مبادئى التى لا أتساهل فيها أو أتسامح أن الذى يقرض إنسانًا غيره يكون عبيطًا، ولكن أعبط منه الذى يرد ما اقترض، ومذ عرف إخوانى هذا سُد الباب فى وجهى. ولكنى أعنى بقولى أن ما فى يدى ليس لى أنى كريم جواد حتى لكأنى من أولياء الله الصالحين الذين يقال أنهم ينفقون مما يجدونه دائمًا تحت السجادة. فلو أن كل ما فى الصيام أنه يغرى بالعطف والكرم والبر بالفقراء والمعوذين لما كانت بى حاجة إليه، ولكان الصيام زيادة لا ضرورة إليها .
وأنا فى رمضان أكون أجوع خلق الله لأنى لا استطيع أن آكل فى النهار كما هو معلوم، ويزين لى شيطان الجوع أن أغافل أهل البيت وآكل شيئًا، ولكني أعود فأقول يا شيخ اختشى.. عيب.. أين الإرادة التى ربيتها.. أين رياضة النفس هذا العمر كله.. ماذا صنع الله بها.. ويصبر الأطفال والنساء - أو على الأقل ارهم يتصبرون فما أرى ما يفعلون خفية – ولا تصبر أنت". وينطلق المدفع فأرى المائدة مزدانة بكل شهى - ومن كان لا يصدق فليتفضل، وإن كنت أخشى أن احتاج إلى البوليس بعد هذه الدعوة - ولكن طول الجوع يكون قد فتر رغبتى فى الطعام فلا اتناول منه إلا بقدر. أما السحور فلا أمل فيه، لان النوم عندى أحلى من الطعام، ومبدئى أن كل نومة وتمطيطة أحسن من فرح طيطة.. فأنا لا آكل فى الأربع والعشرين ساعة إلا ربع أكلة من أكلاتى العادية فى غير هذا الشهر الكريم ولهذا تروننى فيه أبدًا.. جوعان..